يقدم لك هذا الدليل مفهوم التسوق الأخلاقي في فلسطين وسيقدم لك بعض التوجيهات خلال الخطوات الأولى لتصبح مستهلكًا أخلاقيًا، وتتسوق بشكل أكثر وعياً، وتتخذ قرارات مستنيرة بشأن عاداتك في تناول الطعام والمعيشة. نحن لا نقدم قائمة سحرية تضم الأشياء التي يجب القيام بها أو الأشخاص الذين يمكن الشراء منهم، لكننا نهدف إلى القاء الضوء على الإمكانيات التي قمنا باكتشافها لدى المزارعين المجتهدين والحرفيين المبدعين. في المرة القادمة التي تخطط فيها لشراء هدية خاصة، أو طهي وجبة موسمية، ندعوك لتصفح صفحات هذا الدليل للحصول على بعض الإلهام. نحن نشعر بالاطمئنان إلى أنه بمجرد البدء في خيارات التسوق بهذه الطريقة، ستقوم بتطوير قائمة مماثلة من المنتجين والحرفيين الذين تعرفهم في منطقتك أو مدينتك، أو أولئك الذين قابلتهم شخصيًا أو سمعت عنهم من أصدقائك، قم بأخذ ذلك في الاعتبار، وابذل المزيد من الجهد لمعرفة قصتهم، وجرب منتجاتهم، واتخذ خيارات أخلاقية حول كيفية التعامل معهم في المستقبل.
الوجوه المدرجة في هذا الدليل ليست مطابقة (تماما) لتلك التي كانت في الطبعة السابقة.عندما بدأنا تحديث هذا الدليل، كان علينا الاتصال بالعديد من المنتجين الأصليين. استمعنا باهتمام إلى العديد من المنتجين الذين يشاركوننا في الصمود. توقف البعض عن الإنتاج بسبب تقدمهم في السن، مثل الحاجة آمنة من قرية سلفيت، بينما لا يزال آخرون يكافحون في سبيل تلبية احتياجاتهم، ومنهم من تخلى عن طريقته في الإنتاج أو غيرها أو اختار التوجه لإنتاج الجملة، ومنهم من تنازلوا عن مصادر إنتاجهم ومدخولهم. يقوم العديد من المنتجين الذين قابلناهم بالاستمرار في انتاج المواد الغذائية والحفاظ على الموروث الثقافي، كهواية أو مصلحة حقيقية وإحساس بالمسؤولية لتبادل المعرفة التقليدية عبر الأجيال والمساعدة في إبقائها. بالتوازي مع ذلك، شهدنا ان المبادرات الناشئة والعديد من المنتجين، وخاصة في جيل الشباب، يدعون إلى إحياء الإنتاج المحلي والأخلاقي كأساس للمقاومة والحفاظ على الهوية والثقافة. وبالتالي، نشعر أن هناك مسؤولية أكبر الآن في تسليط الضوء على قصصهم ودعم توجه التسوق الأخلاقي في فلسطين.
كانت السنوات الأربع الأخيرة أيضًا وقتًا للتغيير والعمل التحويلي للعديد من الأفراد والجماعات على الأرض. في قطاع الغذاء شهدنا زيادة في العديد من المزارع البيئية والصديقة للبيئة، والزراعة والمبادرات المدعومة من المجتمع. أصبح الناس على اتصال بأفضل بالمنتجين، وعلى وعي بتأثير شرائهم للمنتجات ودعمهم لهؤلاء المنتجين، وأحيانًا يكون عن طريق الحديث البسيط ما بين الناس أو مشاركة منشور على وسائل التواصل الاجتماعي. كما شهد قطاع الحرف اليدوية دفعة من حيث خطوط الإنتاج الجديدة التي تمزج المعرفة المحلية والتقليدية مع التقدم التكنولوجي في تصميم المنتج وتنفيذه. يتم خلط التطريز والفخار والأعمال الخشبية والكماليات والأزياء وفئات أخرى بطريقة فنية ومدروسة لتحقيق جيل جديد ونوع من التصميم. يتعلق التراث الثقافي أيضًا بالتواصل مع الاشخاص وتبادل الحكايات وحكمة الأجداد والاحتفال بتميزنا في الطهي والمهن الحرفية. سنلقي الضوء على قصص بعض نشطاء المجتمع البارزين الذين أعادوا تقديم الطعام والثقافة والحرف اليدوية الفلسطينية إلى الخريطة وهذا لا يلبي احتياجات الاجانب الذين يزورون فلسطين أو يقيمون فيها بشكل مؤقت، بل يعيد تقديم تلك المنتجات للفلسطينيين أنفسهم لتذوق أصالة تراثنا الثقافي وشم عبقه والشعور به. ملاحظتنا الأخيرة لهذه الطبعة هي التركيز على دور المرأة الفلسطينية في جميع الأنشطة المتعلقة بالتراث الثقافي. على عكس معظم مشاريع المانحين، والتي تهدف إلى فرض جانب "النوع الاجتماعي - الجندر" على مشاريعهم، يركز دليلنا على القيادة العضوية وغير المتنازع عليها ودور المرأة في الإشراف على المنتجات. لقد كانت المرأة وبلا شك تقود العديد من المبادرات المدرجة في هذا الدليل، سواء كانت بطريقة تقليدية أو بطريقة فنية فائقة وجريئة.
تم تصميم هذا الدليل ليكون سهل الاستخدام، وذو رؤية ثاقبة وابداعية. تعد المواد الغذائية والحرف اليدوية من أكبر القطاعات الإنتاجية التي تم إدراجها في هذا الدليل. في محاولتنا لمعرفة الأشخاص القائمين والعاملين في كلا المجالين، بدأنا في الاتصال بالأصدقاء، وزيارة المدن والبلدات والقرى، وعقد لقاءات مع منتجين رائعين. وبالتالي، يبحث الدليل في العوامل المؤثرة على إنتاج المواد الغذائية والحرف اليدوية في مواقع جغرافية مختلفة حيث يعيش ويعمل الفلسطينيون. بالنسبة لهذه الطبعة، استعرضنا كل فئة وركزنا اهتمامنا على تقديم مبادرات جديدة، خاصة تلك التي تتبنى مناهج جديدة ومبتكرة لإنتاج التراث الثقافي.
يتم وصف كل واحد من المنتجين في ملف تعريفي خاص به، مع سرد نبذة عامة عن تجارته، وقصة بداية رحلته كمنتج، وتطلعاته. تحاول الصور نقل الشكل الذي تبدو عليه المنتجات والأشخاص في ملف التعريف الخاص بهم. تتوفر معلومات الاتصال المتاحة لمساعدتك في العثور على منتجاتهم ومعرفة على آخر اخبارهم.
تشمل المجالات والمنتجات الرئيسية في هذا الدليل:
- الغذاء: منتجات الخضار والفواكه المحلية والموسمية. نركز في الدليل على المنتجات التي ستجدها فقط في مواسمها والتي ستحافظ على صحتك وسعادتك وتجعلك تتوق إلى الاستمتاع بها في الموسم القادم! أما بالنسبة للأغذية المصنعة، فإن حرفة إنتاج الأغذية المعلبة والمخللة هي من اختصاص منطقة الشرق الأوسط. سنلقي في هذا الدليل الضوء على قصص المنتجين المحليين وسعيهم لحماية المواد الغذائية الموسمية والقابلة للتلف بشكل كبير من خلال اتباع التقاليد المحلية لحفظ الأغذية. قادت العديد من الرابطات النسائية والشركات المحلية هذه الصناعة وأنشأت منتجات شهية وابتكارية وجديدة.
- الحرف اليدوية: فيما لا تقف الحرف اليدوية الفلسطينية عند أعمال التطريز والأعمال المصنعة من خشب الزيتون، فإن هذا القسم يهدف إلى عرض مجموعة مختارة من المنتجين الذين يعمل بعضهم في مجال الحرف التقليدية ويتبع التقاليد القديمة التي تعود إلى قرون، في حين يقوم آخرون بالابتكار، والتغيير والتبديل في المعارف والطرق التقليدية المتبعة في الحرف الحديثة والمعاصرة. إننا نؤمن أن كلا الطريقتين ملهمة وجميلة للغاية، ونجد أن الأشخاص الذين يمزجون كلا النهجين ينتجون أعمالًا فريدة من نوعها!
- النبيذ والبيرة: تعد فلسطين موطن تصنيع واختراع صناعة النبيذ منذ قرون. يمكننا أن نجد آثارا على أنظمة معقدة تعود للعصور الرومانية في الرسومات المنحوتة على الصخور والحجارة والتي تبين أنظمة الإنتاج والتخزين التقليدية للنبيذ. من المثير للاهتمام أن نرى الكثير من المشاريع الرائدة، التي تظهر كيف أن العمل على إعادة اختراع وتجديد هذه الطقوس الاجتماعية والثقافية هو في حد ذاته تحدٍ للجهود المستمرة الرامية إلى فصل الفلسطينيين ونفيهم عن أراضيهم.
- المبادرات المجتمعية: نسلط الضوء هنا على المشاريع المبتكرة والإبداعية التي تهدف في جوهرها إلى تثقيف وتمكين وإشراك الناس في تعلم وإعادة تعلم الممارسات الغذائية الزراعية التقليدية والمستدامة والتي تحافظ على البيئة في فلسطين. فهي توفر مواقع عرض، ودورات تدريبية، وأنشطة ترفيهية حول كيفية إعادة تأسيس العلاقة مع الطبيعة وجميع عناصرها.
- المتاجر: توفر المتاجر التي نذكرها في هذا الدليل لمحة عن المؤسسات الاجتماعية، التي لا تهدف إلى بيع السلع وحسب، بل وإلى نشر ثقافة تقدير الإنتاج المحلي والتراث الثقافي والحرف اليدوية كوسيلة لتعزيز صمود المجتمعات. يعاني بعض المنتجون في فلسطين من ضعف في تسويق منتجاتهم، لذلك تعمل المتاجر كمحطات لترويج بضائعهم. المتاجر التضامنية هو الهدف الذي نعمل على تحقيقه في المستقبل، حيث تعمل جميع متاجر المواد الغذائية والحرف اليدوية لدينا بطريقة تخدم المجتمع وتؤدي إلى تمكين المنتجين.
على الرغم من محاولة تقسيم المنتجين إلى فئات لجعل الدليل أكثر سهولة للاستخدام، إلا أننا أدركنا أن الدليل لم يعكس كيفية الترابط بين هذه الفئات. ولعل الدرس الذي تعلمناه في طبعة الدليل هذه، كيف أن جوهر عملنا يكمن في مصدر منتجاتنا النهائية: من شجر الزيتون والعنب وصوف الأغنام وبذور السمسم، وأكثر من ذلك بكثير. قمنا بتصنيف القصص بعد ذلك على أساس من يستخدمون هذا المصدر وكيفية استخدامه؛ لصنع صابون محلي، أو إنتاج العرق، أو تحويله إلى سجاد. لذلك تختلف القصص طبقا لمصدر سرد القصة، وأحياناً وفقا للمنتجين أنفسهم، وأحيانا أخرى بقصة المنتج النهائي.
لهذا السبب تعاونا مع الرسام ميشيل جبارين لإنتاج 8 رسوم إبداعية تعكس الترابط بين المنتجين والمنتجات. تشير الرسومات الرائعة إلى المفاهيم والعمليات التي نبرزها في الدليل، بما في ذلك السوق المثالي حيث المساحة مفتوحة لتبادل الأفكار والتواصل. تحكي وجبة الإفطار الفلسطينية التقليدية قصة المجتمع بوضوح شديد في محتوى المنتجات المتواجدة على طاولتنا. يوضح الرسم الفرق الصارخ بين نموذج الزراعة الصناعية والنموذج التقليدي، مما يسمح لنا بالتصور الفعلي لكيفية تأثير كل نموذج على صحتنا ورفاهنا. يتخيل الرسم التوضيحي يومًا في حياة سارة، وهي مستهلكة أخلاقية وكيف تؤثر كل عملية من قرارات الشراء على المنتجين والمجتمع ككل. هل فكرت في مدى اصالة الصابون الفلسطيني؟ يوضح التوضيح قصة هذا الصابون وربطه بعمليات أخرى لإنتاج زيت الزيتون في ظل الاستعمار الإسرائيلي. يوضح الرسم التوضيحيمدى قوة البذور والمحاصيل المحلية وجذبها لحواسنا ودفعنا لإنتاج مشاريع فنية وإبداعية تفتح إمكانات هائلة للتواصل وتوثيق تراثنا الرائع. يروي الرسم التوضيحي قصة الاكتفاء الذاتي البدوي وكيفية رعي وتربية الأغنام في قلب العديد من عمليات الإنتاج التي تجعل المنتجات البدوية غنية جدًا. من خلال هذه الرسوم التوضيحية، نهدف إلى تسليط الضوء على الشبكة المعقدة التي تربيط بين علاقات وعمليات الإنتاج. فهي أكثر من مجرد شخصيات مميزة للفئات أو المنتجين، بل هي قصة تحكي عن أصلنا وجذورنا التي كانت تتطور وتنتشر من خلال وعبر أشخاص (من المنتجين والمستهلكين) ممن لديهم حب وتقدير لجذورهم. لذلك فإن تصنيفاتنا ضرورية ولكنها لا تتسم بالجمود، وقصة بعض المصادر يتم سردها وإعادة سردها من قبل أفراد مختلفين.
ولا تتسم معايير الاختيار التي اتبعناها مع المنتجين بالجمود ولا بالتمييز. ومع ذلك، نشير إلى ثلاثة معايير اساسية عامة (اجتماعية وبيئية وأخلاقية). ولم نحاول تحديد أو تقديم تقييم للمنتجات أو المنتجين. جميع المعايير التي يجب القيام بها هي تلك التي تشجيعنا على طرح هذه الأسئلة الثلاثة عند التسوق:
1) هل الإنتاج يساهم المنتج في تمكين السكان اجتماعيا؟ هل يخدم المجتمع ويدر الدخل للسكان المحليين؟ هل يعزز التماسك الاجتماعي والاقتصاد المحلي والمقاومة الفلسطينية؟
2) هل الانتاج صديق للبيئة؟ هل المنتج والإنتاج خالي من المواد الكيميائية والمواد المضافة؟
3) هل تم إنتاج المنتج بطريقة أخلاقية؟ هل تعرف من صنع المنتج وتحت أي ظروف تم إنتاجه؟ هل يوفر بيئة آمنة وفرصًا للمنتج؟
لم نجد بعد منتجًا يفي بالمعايير الثلاثة جميعها، لكن الكثير من المنتجات في فلسطين تغطي وبقوة واحدًا على الأقل من تلك المعايير. لهذا فإننا نحثكم على اختبار أي منتج تشترونه منذ اليوم باستخدام المعايير الاجتماعية والبيئية والأخلاقية هذه كمرجع لكم.